Lina H Hanna

Lina H Hanna

Tuesday, October 19, 2010

الانسان الغير الانسانيٌ

'

مشيت في ممرٌات المستشفى وإذا بي كمن يمشي بين القبور ، كمن يمشي في مأتم وجنازة الإنسانية ! تأوٌهات وأهات مزٌقت قلبي وانتشلته من بين ضلوعي ، ولكنها فشلت في التٌأثير على تعاطف الممٌرضات وعجز أنين الوجع المضني في التغلغل داخل تحجٌر القلوب المتوحٌشة الميٌتة!

ماتت قلوب البشر داخل عتمة جسد تحوٌل الى حجر! أصبح الانسان رخيصاً, والألم سقطت أسهمه لارتفاع سعر الدولار, فالمريض مجرٌد حالة او رقم من الارقام عرضة للزيادة والنقصان!

كانت أنطوانيت تعاني من مرض خبيث نهش أعضائها والتهم جلدها وجعلها أسيرة الفراش لأصابتها بشلل نصفي, ولكنٌه لم يقدر أن يغتال صبرها الاسطوري وايمانها بقدرته تعالى, فقلبها وحسن اخلاقها لم يستطع المرض ان يمتدٌ اليه !

هي صحيحة ومعفاة جسدها النحيل والتٌعب يحمل قلبا يزن أطنان وهو أسلم من ذوي الأفئدة العنفة التي تفوح منها رائحة الموت والتحلٌل لجثث الانسانية المهترئة داخل جسد اعضائه سليمة وروحه ميتة!

كانت تتضرٌع لله ان يساعدها على نيل نعمة الصٌبر والتٌغلٌب على مرضها ,فكانت كلٌما اشتدٌ ألمها تطلق صرخة مدوٌية قائلة " يا رب", وكانت تتوسٌل الممرٌضات لكي تحصل على جرعتها اليوميٌة من المسكٌنات لكي تستسلم لوسادتها فالنوم خلاصها الوحيد, ولكن لم تكن تسمع سوى صدى توسلاتها ليجيبها!

شاهدة غير مشاركة سوى بدعائي وتعاطفي الى ان فقدت قدرتي على السيطرة على أعصابي لاحساسي بالعجز عن تحمٌل المزيد من اللٌامبلاة, فقررت التدخٌل بعد ان حاولت ان أواسيها بأني اشعر واحترم ألمها, فابتسمت لي وأمطرت عليٌ بالدٌعاء .

تركتها وذهبت الى الممٌرضات لأطالب بدواء لها وتساءلت عن أسباب التأخير وكانت الصٌدمة عند سماعي السبب الغير مقنع عندما جاء الجواب باستهزاء ولامبالاة بأن لكلٌ دوره وأنهم منهمكون بأمور أخرى من الممكن ان تنتظر !

كيف للأنسان ان يصل الى هذه الدٌرجة من تصحٌر المشاعر؟ ماذا يقتل التٌعاطف والحنان ليخيٌم الصٌقيع على حرارة الانسان الغير انسان؟

ما الذي يجري في عالمنا هذا؟ انٌه يتحوٌل الى منفى وغربة للأنسانيٌة التي أسلمت الروح ولكنٌها لم تسلم من الوحوش التي في داخلنا وليست تحت السرير!

اهذا أنسان العصر؟ أهذه هي البشرية التي ستسمو بنا الى أبعد من خطوط التٌماس في محدوديٌتنا ومادٌيتنا؟

يا لنا من همجيين وصعاليك في التقدٌم المتراجع أشواط عن المحبٌة! تخجل الذئاب الكاسرة الجائعة عن التهام الجيف كما يفعل رجل الكهف المعاصر عندما يسفك دماء البشريٌة البريء من البشر !

لينا حنا حنا

No comments:

Post a Comment