Lina H Hanna

Lina H Hanna

Sunday, November 21, 2010

زنزانة الماضي



ها أنا عدت من جديد انفض الغبار عن ذكريات خلت أنها غرقت في بحر الصيرورة والتحول ولكنها عادت تطفو على سطح مياه لم تستطع أن تبتلعها ، ها أنا أحدق في ذلك الوجه من جديد ، ها أن أرى تلك الإبتسامة من جديد وأسمع ذاك الصوت الذي لطالما ارتعشت حواسي عند سماعه...

لا أريد لهذه الذكريات أن تحيا من جديد ، كيف لها أن تتنفس في ذاكرتي بعد أن خنقتها وقطعت عنها الهواء بيدي ؟ ما الذي أيقظ حنيناً من بعد سباتٍ عميق؟ لماذا ادفع أنا ثمن فعلٍ لا ارادي ليس لي رغبة به ؟ هي ذكرى ، هو طيف وخيال ، هي رؤية ضبابية لصور وأماكن هربت من زنزانة الماضي واقتحمت بوابة الحاضر لتخدعه بوهم وسراب ما قد كان في يومٍ من الأيام حقيقة ؛ ولكن لا حقيقة من دون إستمرارية ، ما سبق وختم عليه الزمن الغابر يبقى في عتمة وصقيع قبور الماضي التي تضم هياكل وبقايا ذكرى عاشت وماتت...

كيف للأموات أن تعود للحياة ؟ لا يلتقي هذا العالم مع ذاك ! كيف ينبض قلبي ويشعر بحرارة مصدرها جليد؟ اه ما أضعفنا كبشر ، يا لهشاشة مشاعرنا ويا لمكرنا عند الإدعاء بالقوة والجبروت ونحن أعجز من أن نقاوم حنين قد إجتاح عاطفتنا وأخضعها بعطر ما أو كلمة ما أو مكانٍ ما أو حتى حادثة ما اشعلت جمر الحاضر تحت رماد الماضي !

لا أعلم ماذا أشعر عندما تستيقظ أشواقي فأنا أريد ولا أريد أن أتذكر ! ألعن وأبارك ، هل اشكر ذكرى إنسان أو ادعو له لكي يسامحه الله؟ هل نحن ذكرياتنا؟ هل نحن مجموعة الصور المخبأة في الخزانة أو على الحائط؟ أم نحن اللحظة الآنية وحلم الغد؟ هل حقاً نمضي قدماً؟ هل حقاً الماضي البعيد هو بعيد؟ أم هو على مقربةٍ منا في بعده، أكثر من يومنا الحاضر حتى في غيابنا نحن؟ هل الساعة هي الوقت؟ أوليس الوقت ما نعيش حتى لو في خيالنا وجداننا؟ هل حاضر إن لم نحضره بوعينا ورغبتنا به؟ أين نحن من البارحة الذي لا يبرح من مكانه؟ هل نحن ما نسطيع أن نكون في المستقبل الذي قد لا نستقبل؟ أم نحن نتيجة ما كنا ؟ إلى أي مدى قد مضى ما مضى وهل يمضي فعلاً ما دمنا نحن قد بقينا؟

لينا حنا حنا

No comments:

Post a Comment