Lina H Hanna

Lina H Hanna

Tuesday, August 10, 2010

البراغماتية…الدين الجديد


يعيش إنسان اليوم المعاصر في عالم دائم التطور التكنولوجي والعلمي يجعل من عصرنا هذا، عصر السرعة والإنجازات المدهشة على كل الأصعدة، فترى حركة العمران والبناء مزدهرة إذ تبهرك هندسة اليوم بتحديها لمفهوم المستحيل التحقيق محولةً إياه إلى الممكن التحقيق بطريقة تنفيذ المشاريع الضخمة التي من المفترض أن تكون مؤشر على حضارة وتطور أي بلد. من الرائع أن نعنى بحضارة الحجر ولكن ماذا عن حضارة البشر؟ أي هندسةٍ وأي تطور قد طالها؟ من يعنى بتجميل البشر؟
علاقة الإنسان بالإنسان عبر الزمن لم تعبر مسافة تذكر عن غدر قابيل لهابيل بعد أن سفك دم أخاه لما إستفرس به غضبه وعمت الغيرة بصيرته...ها نحن اليوم في عالم يؤمن بدينٍ جديد يقوم على مفهوم المنفعة والفعالية، فيحلل كل ما يخدم مصلحته ويحرم كل ما لا يعود عليه بالربح والإستفادة . أصبحت علاقتنا ببعضنا البعض مبنية على حاجتنا لخدمات هذا ومعرفة ذاك، نعزز الروابط بحسب حجم المطامع ووفرة الموائد.

لقد قتلنا مفهوم العطاء لأجل العطاء، لفرح ولذة هذا العطاء ، لقد ذبحنا معنى العطاء الحقيقي، المجانية والغير المشترطة؛ سرقنا شيئاً من عفوية التعامل مع بعضنا البعض على أرضيةً اساسها المحبة . من منا اليوم ، إن تلقى مساعدة من أحد ما أو حتى من صديقٍ له لا يقع في شرك الشك وسوء الظن بخلفية وغاية هذه المساعدة أو الخدمة؟ من منا إذا تجرأ وقبل مساعدة لا يعلم ضمنياً أنه قد يصبح مديناً بحريته أو مواقفه أو إنتماءاته؟

أخدمك الأن لكي تخدمني غداً، هذه ليست خدمة انها عبودية نشرعها بالقول السائد" ما من شيءٍ مجاني كل شيء بثمنه" ، لم نبحث عن الثمن ونتغاضى عن القيمة؟ أوليس الإنسان قيمة؟ فعلاً إنه لأمرٌ مشين أن نتحول إلى سلع ومنتوجات تسوق ويتاجر بها... اعلموا يا من تراهنوا على أسهم البشر، يا من تغيرون قلوبكم بحسب رياح المربح، يامن لا دين ولا لون لكم، اعلموا إن من لم يثبت في أمرٍ ضاع في كل أمر. اعلموا أن الإنسان موقف ومعرفة، وبأن تعريف عمل الخير واحد لا يخضع لسؤالكم:" أين منفعتي من عمل هذا الأمر أو إمتناعي عن ذاك" الفضيلة تكافئ وتنفع فاعلها ومتلقيها على حد سواء..

إن اردتم أن تفعلوا خيراً مع أحد فلتفعلوه من دون مقابل ومن دون أن تشتروا لأنفسكم ألحق في مصادرة حرية من أحسنتم إليه، وإن مددتم يد المساعدة إلى أين كان لا تبتاعوا لأنفسكم بثمن عطيتكم تلك ،حبال الدمى المتحركة لتلعبوا بمصير من أمسك بيدكم...
واحرص أنت يا من يقبل المساعدة أن تكون شاكراً مقدراً وعلى قدر تلك المساعدة ولا تعتبر من يساعدك من المسلمات، وإياك من وحش الإستغلال ونهمه...

أنت يا من يمد يد المساعدة حذار من ابتياع حرية وإنتماءات من مددت له يدك بثمن قبوله لهذه المساعدة، أعطي وانسى ما اعطيت، أعطي لتزيد بركة ولكي يزاد لك ما اعطيت.

و احرص على عطيتك يا من وجدت الشجاعة لتأخذ بيد من مدها إليك، وكون شاكراً عارفاً للجميل، ويك أن تقع في فح الإستغلال أو الطمع، بل إستثمر هبتك وكن على إستعداد لتقديمها بدورك إن دعت ألحاجة إلى ذلك...كن من جنود العطاء من أجل العطاء فقط... إستثمر هديتك وإعمل على رأسمالك بالعطاء تجد الوفرة بفوائد رأسمالك الذي لا ينقص أبدا

No comments:

Post a Comment