Lina H Hanna

Lina H Hanna

Tuesday, September 7, 2010

الخروج من الذات لملاقاة الذات

هل تساءلت يوماً عما إذا قد أخذت الوقت لتتمشى داخل ذاتك على مساحاتك الداخلية لتكتشف الوعر والسالك منها؟ هل فكرت يوماً بسؤال نفسك هل تعيق ذاتك معرفتك لذاتك؟ هل خرجت يوماً من شرنقة الذات لتكتشف الذات المتحولة إلى فراشة الذات لتطير بأجنحة اكتسبتها بعد أن حبست نفسها داخل ظلمة الوحدة بموت مؤقت أعاد لها الحياة بشكل جديد وعوض عليها بأجنحةٍ ملونة تخولها أن تكتشف الكون عن علو لم تعهده من قبل عندما كانت ذاتاً زاحفة تعيش على التراب؟

كم منا على دراية بقوافل الذات التي تجوب داخل اراضيه؟ هل نحن نظام منته ختمته الأقدار ؟ أم نحن مشروع صيرورة لا يمكن حد وسجن هويتنا بتلك التي اعطيت لنا عبر جينات ذوينا؟ لا ، لسنا محكومين بالبقاء والفناء داخل من نظن أنه نحن... معرفة الذات هي عملية دائمة التحول والتغيير على إسفلت الجوهر الثابت، الذي هو صلب هويتنا والمادة الأولية لما يجعلنا من نحن عليه في خضم ما يتغير فينا

لا بد لك أن تهجر ذاتك إلى خارجها لتتعرف عليها من داخلها، اياك أن تظل مقيماً داخل نفسك ، يجب عليك أن تغترب عن ذاتك لكي تعرف طريق العودة إليها؛ إن وجدت الشجاعة لكي تترك مرفأ نفسك فتبحر بعيداً عن شواطئها ، ستكافأك الرياح وتقود أشرعتك إلى جزر لم تكن أنت على علم انها موجودة. كن سندباد في بحثه عن كنوز نائية ما وراء البحار خلف الأبصار تنتظر من لديه الجرأة على اكتشافها فينعم بالتلذذ بها

غالباً ما نسمع عبارات مثل:" مسكين لم يجد نفسه بعد" أو " لقد أضاع نفسه " أو " هو لا يعلم قيمة نفسه" ، والنفس ليست شيئاً نجده صدفة، علينا أن نخلقها نحن من خلال تفعيل كل ملكة وهبنا اياها الله لكي نستنبطها ونستعملها لحفر طريقٍ إلى عمق أعماقنا لكي نسلكها في رحلتنا لإكتشاف نفسنا ولمعرفتها فتصبح هذي المعرفة تنوير ، إذ عندما نصل إلى العمق ، تنكشف لنا العين الثالثة ، تلك هي عين القلب التي ترى ما لا يرى ، من دون وساطة ، أو طرف ثالث، بل بسكبٍ مباشر وفوري من كأس المعرفة داخل أرواحنا ، فتعلمنا مشاعرنا ما تحاول أن تخفيه عنا أعيننا

... تصالح مع كل ذات تقابلها في مسيرتك لمعرفة نفسك ولا تتعجب من كثرتها بل إبتهج بغناك، وخذها بالعناق

هذه هي قمة الحكمة، عين العقل ، وقلب القالب، وأشرعة القارب في بحر الوجود ؛ هي شيفرة فك الرموز، والسبيل الوحيد لتحقيق التوازن والتناغم في زحمة تعددية هويتنا في تجربتنا الإنسانية...لا تبقى برعماً على شجرة حياتك ، بل اسمح للزهرة أن تتفتح وتثمر، فتعطي وتجذل في العطاء من أطيب وأنضج ما لديها من ثمار

إنحت ذاتك لترى منحوتة ذاتك كتحفة فنية مصقولة تتباهى بها ، فتغذي نظر من يراها. واعلم بأنك نحات أبدي في منحوتة حياتك...

لينا حنا حنا

No comments:

Post a Comment