الملل : خلل في الوجود أم بحث عن الغير الموجود؟

حياة كل واحد منا تتكوٌن من كل ما ننخرط في القيام به من أتفه المسائل وصولاً إلى اكثرها تعقيداً ، بدءًا بعاداتنا اليومية وصولاً إلى طقوسنا الداخلية ، ولكن في معظم الأحيان ، نشعر بسأم الوجود بالرغم من كل ما هو موجود ليوصلنا إلى المرح والتسلية بهدف الخروج عن المألوف لإنعاش الروح.

هو الإحساس بالنقص والإنتقاص، بالعزلة والإعتزال ، بالغربة والإغتراب، بالموت في رحم الحياة ، بالوحدة والوحشة في زحمة العلاقات ، بالغياب في قلب الحضور ، فنحوم حول مدار ذاتنا دون أن نغوص في مركزها ، نتجنب الحياة ونحن أحياء ، نغتال الوقت ونسفك دماء شريان الحياة من أجل السعي وراء سراب الملذات العابرة التي لها مفعول المخدٌر فسرعان ما يزول المفعول وتبدأ النفس في الهبوط إلى أوكار الألم والضياع فتطلق صرخة الأهات والويلات على واقع يوقع بها في عرين المشقٌات لتتخبٌط في جداره كلما حاولت الخروج عبر الحائط والباب مفتوح ...

هي لحظات الفراغ والعبثيٌة حيث يتساوى الٌلاشيء مع كل شيء ، عندما تشعر بإنقطاع حبال النٌجاة بالرغم من محبة ذويك ورائحة قهوتك وأغنيتك المفضلة ودفء سريرك ، ونجاح مهنتك ، ونور الشمس وسحر القمر ، بالرغم من حنين المطر وصدى ضحكات من الماضي وعيون من الحاضر تحضر كلما تغيب البهجة من قلبك ...

فتسأل ماذا بعد كل ذلك ؟ لماذا أشعر بهذا الشٌرخ ، بهذا الإنشقاق عن ذاتي ؟ إلى ماذا أتوق؟ أيٌ معنى ابحث عنه؟ ماذا يشعرني بأني موجود أكثر فأسكر ؟ لماذا لا يكفيني ما يجب أن اكتفي منه ؟ ما خطبي ؟ أين المفرٌ في وادي الأرواح التائهة والهائمة دون هدف أو بوصلة ، دون خريطة أو خطة نجاة...

يبقى أن نفتح قنواتنا الداخلية في سكينة وهدوء ، دون تشويش ذبذبات العالم الخارجي وضجيجه ، وصخب حياته اللٌيلية ، وسرعة مرور الأيام ، وموت الأحلام لتحيا الأوهام ، لنعيد البصيرة إلى رؤيانا الباطنية ، لفحص نبض الصواب فينا ، لمحاسبة أنفسنا على قراراتنا وطريقة حياتنا ، لنضئ على ظلام رغباتنا المنسيٌة الدٌفينة داخل صقيع قبور قد اقمناها لتميتنا ...أن نسمع انعكاسات أصواتنا وهمسات كياننا ، أن نجد الحلقة الضائعة لوصل ما قد قطع الخيط الذي يحيك أنسجة وجودنا ببعضها البعض ، فيربطنا بنفسنا الأصليٌة التي من أجلها نستحق العيش فلا نجازف بفقدان الغرض الحقيقي من وجودنا

.

لينا حنا حنا