Lina H Hanna

Lina H Hanna

Saturday, December 4, 2010

مستنقع الأحزان

عندما يتحوٌل العالم من حولنا إلى بيئةٍ موبؤة وإلى غابةٍ مليئة بالوحوش التي تتسابق إلى إصطياد طرائدها ، عندما يكون الإنسان ذئب انسانيٌته فينهش من لحم البشر بضراوةٍ ينافس بها الحيوان الكاسر، أغرق في مستنقع من الشجن في حداد على البشريٌة المستشرسة . أين التعاطف والمحبة ؟ الإنسانيٌة أصبحت دليل ضعف في أيامنا هذه ، فإن أردت أن تكون جبٌاراً وقوياً يجب أن تجعل الناس تهابك بدل أن تحبك لكي يقال عنك أنك عضو ناجح في المجتمع ولكن يغيب عن بال البعض أنك فاشل إنسانيٌاً وروحياً....

قلبي حزين على موت كل ما يمثٌله الإنسان من قيم أخلاقية تصله بالنفخة الإلهيٌة التي أوجدته ، هو نفس الله الحيٌ ، ولكنه يفضٌل أن يختنق ويقتل فرصته بالتٌسامي والإرتقاء ويتمرٌس فنون الإنحطاط والتفلٌت الأخلاقي ، يفضٌل أن يزحف على أن يطير، يتلذٌذ بماديٌته التي لا تمدٌه ولا تشدٌه سوى إلى أسفل تجربته الإنسانية ...

يظن أنه بذلك يتسلٌق السٌلم الإجتماعي ليصل إلى القمٌة وهو بأوج انزلاقه في هوٌة الحضيض ، هو دودة تتغذٌى من جيف الفضيلة المتحلٌلة في داخله حيث العفن والصٌدأ ولكن في صورة متمدٌنة وفي لباس عصري ...

عندما تصبح كلمة ألحق تهديداً لمن يقولها ، أصاب بالكأبة ، عندما تصبح حقوق الإنسان إمتياز ونضال قد ينجح في نيله أو قد يفشل ، أصاب بنوبات غضب على حقارة أصحاب القرار المسلوبي الإرادة والضمير ، فيصلبون من هم دونهم ويلعقون جزمة من هم فوقهم ، هم يسرقون تسمية الإنسان ، هم مضيعة للأوكسيجين ، هم مغتصبي الأحلام ، ومصاصي دماء الرجاء ، هم بجشعهم يريدون السيطرة على المجال الحيوي الفضائي والبحري حتى ولو لا يستطيعون العيش في البحر والسماء ، يريدون خصخصة الهواء الذي نتنشقه حتٌى ، بئس عليهم ، ينافسون شياطينهم ، فحتى الجحيم يبصقهم من جوفه ... يمارسون الرذيلة تحت شعار الفضيلة ، هم أحقر من الحقارة، لأنهم في موقع يستطيعون أن يغيروا ويحسٌنوا وضع الإنسان ولكنهم من يحفر حفرة الهلاك لشعب يصفٌق لهم على أنغام كذبهم ...

عندما تصبح الحياة كفاح ورحلة زحفٍ على الزجاج كل يوم ، يدمي فؤادي ، حسرة كل إنسان يشهد على بؤس وصعوبة عيش احباٌئه ، على كل دمعة "يا ليت" أو لو أملك ما يكفي من المال لفعلت هذا أو ذاك ، على كل موت نفسٍ من شدٌة رغباتها وانعدام فرصها بالتحقٌق ، من كل" آه" تطلق كصرخات إستغاثة ولا تلاقي آذان صاغية، على كل تفاؤل ينازع، على كل إبتسامة تخفي وراءها صرخة ألم ولكن يقنٌعها لتوهم بالرضى وهي على حافة قبرها ... لكل هذا ينفطر قلبي وينشطر أجزاء وأشلاء ولكني اعجز من أن أغيٌر معطيات الواقع أو تعديل المعادلة الرٌاهنة ، ولكن قلمي يأبى أن يخرس علٌة من لوعته يهدأ عندما يهدر حبرة من أجل كل إنسان يعاني بشاعة الإنسان المشوٌه للإنسانيٌة...

لينا حنا حنا

No comments:

Post a Comment