Lina H Hanna

Lina H Hanna

Monday, February 7, 2011

بحر الوجود : مدٌ وجزر


نعيش أو ننوجد ، نغضب، نضحك، نبكي ، نثور نستستلم ، نلعن ونبارك ، نسقط وننهض ، نتكلٌم ونصمت، نصرخ ونهمس، نحب ونكره ، وفي قلب هذا كله تكمن الحياة والتجربة البشرية فنحن كائنات الإزدواجيٌة ، نتألٌم بسب الشٌرخ الحاصل في كياننا ولكننا دائماً نكون الشيء ونقيضه، نحن في حالة بحث دائمة عن ما يسدٌ هذا الإنشقاق في أرواحنا ، نريد الوحدة في عالم التعدٌدية والأبعاد ولكن هل تبعدنا هذه الأبعاد عن ذواتنا أم تقرٌبنا مها أكثر؟ هل يلغي الجسد الروح ؟ أم أن العقل يعقل ويربط الإثنين معاً؟

أين الحلقات الضائعة في سلسلة الوجود؟ وهل الوجود محصور بما هو موجود ؟ هل المشاهدة تكفي لمعرفة الكون ؟ هناك عوالم عدٌة لا تخضع للمنطق ولا لحدود الزمان والمكان ، إنه عالمنا الداخلي، انها حالتنا النٌفسية والإنفعاليٌة ، إنها خرائط مساحتنا المحسوسة والمعاشة في ثنايا وطيٌات ذاتنا المتغيُرة أبدا حتى عندما يبقى العالم الخارجي على ما هو عليه، بالرغم من طقوسنا وعوائدنا الإجتماعية التي تجمع ما بيننا ، فتفاعلنا مع كل ما حولنا يختلف بين شخص وأخر ، إستعداد إنسان لأمر ما على تفاوت عند إنسان أخر ، إختبار الشمس والقمر ، الدفئ والصقيع ليس على حدٌ سواء بين جميع البشر ، ما أراه أنا في القمر الوحيد ليس بالضرورة ما تراه أنت فهل يتغيٌر القمر بإختلاف تجربته؟

تعريف الشيء وحيد واحد ولكن ما يصلني من إحتكاكي به ليس ما قد ينطبع في تأثيرك وتأثٌرك به . ولكن جميعنا رحٌل ومسافرين نجوب الأمكنة ونلتقي بغيرنا علٌنا نلتقي ونتعرٌف بأنفسنا .

نريد أن نكتشف ، نرغب بسبر أغوار المجهول ، لدينا شهيٌة لكلٌ ما هو غامض ، نحب الأحجية ونعشق فكٌها، لدينا تلك الرغبة في الوثب نحو ما هو أسمى ، نريد أجنحة نحلٌق بها فوق أسلاكنا الشائكة ، نبحر إلى ما وراء الأفق ، إلى ما وراء حقل نظرنا على أمل أن نجد هناك ما هو مفقود حيث نحن...

يلاحقنا ويحرٌكنا ألشعور بالنٌقص وعدم الإكتمال ، يدفعنا القلق الوجودي إلى التعالي والصعود حتى عندما نكون في الحضيض، نريد تسلٌق قمة جبل وجودنا ، لا نريد الزحف ، نهوى فكرة الطيران ، نقتبس مشاعر غيرنا أحياناً عسانا نشعر بما نرغب أن نحسٌ به من خلالهم ، نريد ما يجعل الدم في عروقنا يغلي ، فغالباً ما نفتقد لما يعطينا الرٌضا والإكتفاء الذاتي ، نحن نريد ونريد دون توقف ، ندفن أوجاعنا ونخدٌرها كل بحسب مخدٌره المفضل ، فمن الناس من يرقص ويراقص الشٌجن في فؤاده، ومن الناس من يثمل كي لا يعطش لماء الحياة ، ومن الناس من يعزف على أوتار الفرح في قيثارة وجوده ليخفض أصوات سنفونيٌة ملله وبؤسه. ومن الناس من يلجأ لأحضان امٌنا الطبيعة ليتٌصل بها علٌه ينفصل عن أمور الدنيا ، ومن الناس من يصادق أبانا الوقت ويستمتع به كي يقتل رغبته بقتله عجزاً منه عن تسييره بحسب ساعته الباطنيٌة.

محاولات وتحوٌلات، مؤامرات وإنقلابات، نحن مزيج من البناء والهدم ، السٌير والتوقٌف ، فالوجود مغامرة لا نعلم دائماً ماذا سيحصل بعد ،ولكن أمل المعرفة يبقينا في حالة تيقٌظ دائمة ، ومحبة الجمال أينما وجد تساعدنا على تحمٌل القباحة في الإنسان ...

الحياة هبة بحلوها ومرارتها ، بتعقيدها وبساطتها ، عانق وجودك ولا تخف ، أمسك المجذاف وأبحر نحو جزر نائية جديدة وستجد ثروات أكبر وأوسع من الحياة ...لا تراقب حياتك بل عشها وأغمر نفسك في أحضانها وخذ منها على قدر ما تعطيه لها...

لينا حنا حنا

No comments:

Post a Comment